الملأ جماعة مجتمعة على رأي ، تملأ العيون رواء ومنظرا ، والنفوس بهاء وجلالا ومعبرا ، ولأن التعاون والإمداد هما قضية الوحدة في رأيهم فقد يأتي الملاء بمعنى المعاونة وطول المدة ، سواء أكان ملأ الحق ، أم ملأ الباطل ك (أُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) وهو إطالة المدة ابتلاء بطول العصيان ، وأعلى الملأ هم الملأ الأعلى في كل خير للملإ (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ) (٣٧ : ٨).
وهذه الآية نظرة عريقة تستجر حصالاتها كتجربات لهذه الأمة الأخيرة ، يؤمر بها رسولها وكأنه ينظر الى واقع الحادثة وحاضرها : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ...).
ولأن القصد هنا ـ كأصل ـ هو اصل الحادثة ، دون اي فصل له او وصل ، لا يؤتى هنا بذكر لاسم الملاء ، اكتفاء بسمته بوصمته ، لكي تتحذر فلا تهدر هذه الأمة في فرض القتال.
ذلك! ف «اسمعوا ما أتلوا عليكم من كتاب الله المنزل على نبيه المرسل لتتعظوا فإنه والله عظة لكم فانتفعوا بمواعظ الله وانزجروا عن معاصي الله ، فقد وعظكم بغيركم فقال لنبيه : «ألم تر ...» ايها الناس إن لكم في هذه الآيات عبرة لتعلموا ان الله جعل الخلافة والأمر من بعد الأنبياء في أعقابكم ، وأنه فضل طالوت وقدمه على الجماعة باصطفائه إياه وزاده بسطة في العلم والجسم فهل يجدون الله اصطفى بني أمية على بني هاشم وزاد معاوية عليّ بسطة في العلم والجسم»؟ (١)
هنا ـ وبعد أن أجملت القصة عن اسم النبي المسئول هنا وسمة الملإ السائل ـ ليس علينا ولا لنا أن نفتش عن هذا وذلك ، حيث القصد هنا أصل
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٤٤ في كتاب الاحتجاج للطبرسي من كلام امير المؤمنين (عليه السلام): اسمعوا ...