الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ) (٢٠ : ٣٩) وشرحنا هناك تابوته.
ولأن «التابوت» معرف فكأنه هو التابوت الذي وضع فيه موسى الرضيع حفاظا عليه من آل فرعون ، كما وضع فيه موسى عصا هارون والمن ولوحي العهد كما في الرسالة إلى العبرانيين الاصحاح التاسع : وأمر اللاويين أن يضعوا فيه التوراة بجانب عهد الرب فيه كما في تثنية التوراة (٣ : ٢٥).
وأصله «تابوه» من «تباه» العبرانية ، وهو صندوق الحفاظ على ما يحافظ عليه من ميت او حيّ أما ذا من واجب الحفظ عن الضياع ، وقد كانوا يضعون فيه الجنائز صيانة لها عن الضياع ، فليس يختص بالأموات.
ثم (أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) مما تلمح انه كان بعيدا عنهم فقيدا من بينهم إذ ضيعوه ولم يراعوه حق رعايته ، فحين يريد الله لهم النصر بذلك الملك المصطفى فحق لهم «أن يأتيهم التابوت» و «فيه ألواح موسى التي تكسرت ...» (١).
فلقد شردهم أعداءهم من الأرض المقدسة ـ التي غلبوا عليها على يد نبيهم يوشع بعد فترة التيه ووفاة موسى (عليه السلام) ـ وسلبوا منهم مقدساتهم الممثلة في التابوت ، الذي يحفظون فيه مخلفات أنبياءهم من آل موسى وهارون ، فأصبح إتيان التابوت الغائب عنهم في تلك الفترة آية على ملك طالوت.
فهذه آية أولى ، ومن ثم (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) إما لسابق الرحمة به حيث حمل فيه موسى ، وجعلت فيه التوراة؟ ام لسابغ الرحمة الجديدة بعد سابقتيها أن جعل الله فيه السكينة الربانية ، فالنظر إليه سكينة ، وتقدمه في
__________________
(١) نور الثقلين عن العباس بن هلال قال : سئل علي بن أسباط أبا الحسن الرضا (عليه السلام) فقال : أي شيئ التابوت الذي كان في بني إسرائيل؟ قال : كان فيه ألواح موسى التي تكسرت والطشت التي تغسل فيها قلوب الأنبياء.