وهذه السكينة الإيمانية هي روح من الله (١) : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (٥٨ : ٢٢) روح ثان بعد الإيمان طليقا حيث يشمل إيمان العصمة القمة ، فهي فيه من سياجات العصمة : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ...) (٩ : ٤٠) وفي سائر درجات الإيمان سياج عليها كلّا على حده (٢) (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) (٤٨ : ٢٦).
وهي النور الذي تمشون به : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) (٥٧ : ٢٨).
فإنما ظرف السكينة النور هو الإيمان والتقوى ، فلا تنزل على غير المؤمنين المتقين كما لم تنزل على صاحب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ...) (٩ : ٤١) وعلّه كان حينذاك ممن أسلم ولمّا يدخل الإيمان في قلبه : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٤٩ : ١٤).
فقد جعل الله في هذا التابوت سكينة لمن رآه من المؤمنين ، واحتف حوله وقدمه في النضال ، بما فيه التوراة وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون تحمله
__________________
(١) المصدر عن المصدر عن يونس عن أبي الحسن الثالث قال : سألته فقلت جعلت فداك ما كان تابوت موسى وكم كانت سعته؟ قال : ثلاث أذرع في ذراعين ، قلت : ما كان فيه؟ قال : عصا موسى والسكينة ، قلت : وما السكينة؟ قال : روح الله يتكلم كانوا إذا اختلفوا في شيئ كلمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون.
(٢) بحار الأنوار ١٣ : ٤٤٣ عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : السكينة الايمان (معاني الأخبار ٨٢).