(تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ٢٥٢.
«تلك» العظيمة العزيمة (آياتُ اللهِ) تكوينية وتشريعية (نَتْلُوها عَلَيْكَ) يا حامل الرسالة الأخيرة ، وحامل الرسالات كلها «بالحق» آيات بالحق ، نتلوها عليك بالحق ، بسبب الهدف الحق ، ومصاحبة الحق ، ولكي تهدي العالمين الى صالح الحياة الإيمانية بمكافحة دائبة ضد الظلم والطغيان ، جهادا دائبا في فسيح الزمان ووسيع المكان ، حفاظا على صالح الحياة طردا لفاسدها (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) بهذه الرسالة السامية ، التي تحقق كل الرسالات الإلهية.
(تِلْكَ آياتُ اللهِ) عبرة لاولي الألباب عبر الزمان والمكان ما عاش إنس او جان ، لا سيما آية الدفع ، ولكي تصغي إليها آذان صاغية من هذه الأمة المرحومة ، فتعيش كل حياتها دفاعا عن الحق ، فلا تتأسن الحياة وتتعفن بالتكاسل والتخاذل من هؤلاء الذين حمّلوا راية الصلاح والإصلاح ، ولا يظنوا ان الإصلاح انما هو بيد صاحب الأمر ، وأما الذين قبله فليس لهم أمر إلا السكوت والخنوع أمام السلطات الكافرة.
ومن دفع الله الناس بعضهم ببعض ان يدفع بعض الناس ببعض الى صالح الحياة الجماعية وكما تعنيه آية السخري : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٤٣ : ٣٢).
فإن في تسخير الفاقد لشيء الواجد له اكتمالا لنفسه فيما فقده وإكمالا لغيره فيما يحتاجه ، ان في ذلك تجاوبا في الحصول على حاجيات الحياة ، إذ لا
__________________
ـ ابن عساكر ـ ويصرف عن اهل الأرض البلاء والغرق.
وفيه اخرج الخلال في كتاب كرامات الأولياء عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : ان الله ليدفع عن القرية بسبعة مؤمنين يكونون فيها.