ولكن السنة والنوم حيث لا تأخذ انه لأنهما من رخوة الذات ونقصها ، فبأحرى ألا يأخذهما ـ سبحانه ـ لنفسه ، وكيف ينتقص ذاته تعالى وهو الكمال المطلق ، بل هو مستحيل في ذاته أخذا لهما من ذاته أم سواه ، كما يستحيل انعدام ذاته أو إعدامه بذاته ام سواه.
فنفس السنة والنوم ، وبأحرى الموت وسائر الحوادث مكملة او منقصة انها ككل مستحيلة ذاتية في ساحة قدسه ، والمحال محال على اية حال ، وبالنسبة لأية قدرة حتى المطلقة اللامحدودة منها ، فانها انما تتعلق بالممكن ذاتيا دون المستحيل الذات ، لا لضعف في فاعلية القدرة ، وانما هو في قابلية المحال.
فكما يستحيل الجمع بين المتناقضين ـ على تناقضهما ذاتيا ـ ام رفعهما ، كذلك عروض عوارض الحدوث على السرمدي الذي لا يتحول من حال الى حال ولا يتغير بانغيار المخلوقين ، حيث الأزلية تناقض الحدوث ، فلا يحمل الأزلي صفات الحدوث ولا الحادث يحمل صفات الأزلي ، كما لا يحمل كل ذات الآخر.
ثم السنة والنوم وكل تحول وتغير هي لزام المادة بأسرها ، والمجرد المطلق اللامحدود لا يتغير او يتحول من حال إلى حال فكيف تأخذه سنة او نوم (١) وهما
__________________
(١) قد اطبق علماء الفيزيولوجيا النباتية ان النباتات كلها بحاجة إلى منامات وعلى غرار مختلف الظروف ضوء وحرارة وبرودة ، وكذلك حسب اختلاف النباتات تختلف مواقع مناماتها وطولها وقصرها ونرى البعض منها لها منامات فصلية إضافة الى اليومية.
كذلك وأقوى وبصورة مرتبة نرى منامات الحيوان ، وكلما كان مخ الحيوان أكمل وأقوى نرى الاختلاف بين نومها ويقظتها اكثر والترتيب بينهما أوفر.
وقد أنتجت التحقيقات حول مناماتها أنها في الاكثرية الساحقة بين الحيوان ترتبط باختلاف الليل والنهار ، فالطير تشتغل بمساعيها الحيوية منذ بزوغ الشمس ، وعند غروبها تفتش عن مأمن للراحة والمنام.