عليه من رزق ، والجود بالموجود ، فلا تذهب النفس على ذهاب مال او منال حسرات ، ولا يتحرق القلب مما هو ذاهب ومما هو آت : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ).
فالكائنات كلها لها تعلق ـ كالمعاني الحرفية ـ بالله ، بل لا معنى لها ولا كون ولا كيان إلا تعلقها بالله ، لا انها ذوات لها تعلقات قد تبقى بعد زوال هذه التعلقات ، فالفقر ـ إذا ـ ذواتها وإنياتها.
ليس الكون معلولا لذاته سبحانه حتى يكون معه من الأزل ـ ازلية زمانية ـ! ولا عارضا على ذاته سبحانه عروض الأعراض او الجواهر ، ولا هي متحدة مع ذاته سبحانه اتحاد المعلول مع علته ، وانما هي خلقه خلقها لا من شيء كأصل ، ثم خلق كل شيء من ذلك الأصل ، فانه باين عن خلقه وخلقه باين منه.
هذا! ثم «له» تعم ـ فيما عمت ـ كافة اختصاصات الربوبية ملكا وملكا وعلما وقدرة وخلقا وتقديرا وتدبيرا وإعداما وسائر التكوين بحذافيره ، وكذلك التشريع بكل متطلباته.
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)
فلأن كامل التوحيد في ثالثة زواياه : الأفعال ـ قد يخيّل إلى القاصرين نفي كل وسيط في الأفعال ، كما ينفي كل علة مستقلة فيها ، لذلك الله ـ هنا وفيما أشبه من آيات ـ يثبت شفاعة عنده مهما كانت ـ ولا بد ـ مربوطة باذنه ، فالعلل الخلقية لا تشفع عنده في تأثيراتها إلا باذنه ، كما العلل الإرادية لا تصل الى معاليلها إلا باذنه.
هذا ـ كما وان الشافعين في ذنوب المذنبين لا يشفعون إلا باذنه ،