بالمؤهلات المسرودة في القرآن فيهم وفي المشفع لهم ومادة الشفاعة.
فمطلق الشفاعة ـ فيما يكون ويجوز ـ ليست منفية ، وانما هي الشفاعة المطلقة دون اذن وفوضاها ، وهكذا تلتحم آيات الشفاعة سلبا وإيجابا كما بينت في أول البقرة.
وهنا (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ ...) استفهاما إنكاريا واستفحاما ايحاء بأنه أمر لن يكون ـ ومن المستنكر ان يكون ـ حيث الجلالة والرهبة الإلهية لا يسمحان اي استقلال واستغلال بجنبه في شفاعة وسواها من مختصات الربوبية.
فإذا لا شفيع عنده إلا بإذنه فكيف تكون له شركاء دون اذنه ثم هم يشفعون عند الله في قيلة عابديهم : «هؤلاء شفعاءنا عند الله» (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣٩ : ٤٤).
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ).
هذه نجدها في ثلاث أخرى : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (٢٠ : ١١٠) (... وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢١ : ٢٨) (... وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٢٢ : ٧٦).
و «هم» في (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) منهم الشفعاء المأذونون وكما في الثلاث الأخرى ، اللهم إلا في الأخرى فإنهم رسل من ملائكة الله ومن الناس (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (٧٥) ولكنهم ايضا شفعاء أصلاء وكما في الجن : «عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم ان قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيئ عددا»(١)وفي مريم (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ
__________________
(١) اصول الكافي ١ : ١٠٧ من الطبعة الجديدة.