رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (٦٤).
كل ذلك من حيطته العلمية عليهم تدليلا على ان كونهم مأذونين في شفاعتهم لا يجعلهم مستقلين فيها ومستغلين بها ، فان تلك الحيطة الشاملة تمنعهم عن التورط فيما لا تصلح من شفاعة ، فهو سبحانه يأذن لهم بقدرته وعلمه المحيط بهم.
ذلك ، وقد تشمل «هم» مع الشافعين المشفع لهم ، انه تعالى يأذن في شفاعتهم وهو عالم بهم دون عزوب لشيء منهم عن علمه سبحانه.
وقد تعني «يعلم» ـ ضمن ما عنت ـ علم الشافع بما يعرفه الله بما بين أيديهم وما خلفهم حتى يعرفوا صالح الشفاعة عن طالحها.
واما (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) فمنه ما يعلنون فهو (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) لسواهم كما لهم ، ومنه ما يسرون عنهم ف (وَما خَلْفَهُمْ) فالله يعلمهما (أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) (٢ : ٧٧) (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) (٥ : ٩٩) (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) (٦ : ٣) كما واعمق من سرهم وهو الأخفى : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (٢٠ : ٧) فله إذا مثلث علم الجهر والسر وأخفى.
وليس انه يعلم ـ فقط ـ حاضرهم الغائب والظاهر ، بل و (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) مستقبلا ، ك «ما خلفهم» ماضيا ، علما بمثلث الزمان من مثلث الحالات ... وثالث «مما بين أيديهم» أخراهم التي يستقبلونها (وَما خَلْفَهُمْ) أولاهم التي يستدبرونها ، ورابع ما هو محسوس لديهم مما بين أيديهم إحساسا وما خلفهم من غير المحسوس ، وكذلك كل حاضر وغائب لهم ولمن سواهم.
ذلك ، وفي نطاق أوسع «هم» تعم كل الكائنات بأسرها فانه بكل شيئ عليم.