ذلك! ولأنه (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) في حين يذكر العرش في (٣١) موضعا يعنى من (٢١) منها عرش الله ، لا تحمل الكرسي إلا آية الكرسي ، مما يدل على ان عرشه تعالى أعظم من كرسيه وعلى حد المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملاة بأرض فلاة وان فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» (١).
فالعرش في آياته ـ كما فصلت فيها ـ كناية عن الملك على مثلث الخلق ، منذ المادة الاولية الى حاضر السماوات والأرض والى فناءهما ، والكرسي كناية عن الحكم والقضاء ، يقال عرش الملك وكرسي القاضي ، فكرسيه تعالى ـ مع عطف النظر الى سابقة الصفات ـ هو قيوميته تعالى في العلم والقدرة ، وإذنه في الشفاعات المرضية بما يملك السماوات والأرض ، وقد ذكرت الثلاث قبله : القيوم : قدرة وعلما ، و «له» ملكا وملكا ، و «يعلم» علما ، ثم (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) يوسع الثلاث لحاضر الكون باطنه وظاهره كما العرش يوسعهما لماضيه ومستقبله.
ف «كرسيه علمه» (٢) وقضاءه لحاضر الكون المصطنع ، وهو في اصل اللغة أصل يعتمد عليه ، وكل شيئ تراكب فقد تكارس من الكرسي وهو تراكب الشيئ بعضه على بعض ، ام تراكب شيئ على آخر ، ومنه الكراسة
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٢٨ ـ أخرج ابن جرير وابو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر انه سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الكرسي فقال يا أبا ذر : ...
(٢) في معاني الأخبار عن حفص بن غياث قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل : وسع كرسيّه السماوات والأرض؟ قال : علمه ، أقول : يعني العلم الفعلي دون الذاتي ، وفيه ايضا عنه (عليه السلام) السماوات والأرض وما بينهما في الكرسي ، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره.