علوا كبيرا ـ قال له : فأخبرني اين هو؟ فقال امير المؤمنين (عليه السلام) : هو هاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو قوله : ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم أينما كانوا فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) وذلك قوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه وليس يخرج عن هذه الاربعة شيئ خلقه الله في ملكوته وهو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله فقال : وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ، وكيف يحمل حملة العرش الله وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا الى معرفته (١).
ذلك! وفي (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) دون «أحاط» إشارة إلى أن كرسيه مرتكن في ذوات الكائنات ومستكن في إنياتها وملكوتها ، فليس يخلو عنه كائن منذ كوّن حتى فناءه ، فليس ـ إذا ـ كرسيا ماديا كسائر الكراسي ، حيث المادة هي السماوات والأرض ، ولا يسع الشيء نفسه وإنما يسعه غيره أو يسع غيره ، ف (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) دليل أن كرسيه غيرها ، فهو يسعها في أعماقها وملكوتها علما وقدرة وحكما وقضاء.
ذلك! وكما يسع عرشه الماء قبل خلق الأرض والسماء ، وقبل الثلاث وبعدها ، حيث العرش كناية عن ملكه ككل.
ثم ولا صلة لكرسي مادي بما سبقه من علم وقدرة وقضاء ، فإنها لا تمتّ بصلة لهكذا كرسي ، بل هي هي الكرسي لواسع السماوات والأرض ولا
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٤٠٥ عن اصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد البرقي رفعه قال : سأل الجاثليق امير المؤمنين (عليه السلام) فقال له : ...