يؤده علما وقدرة أو قضاء حفظهما (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
(وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) ثقلا في قدرة ، وجهدا في علم ، وتدبيرا في حكمة ، فلا ثقل عليه حفظا لهما كما لم يغلبه خلقهما : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) (٥٠ : ٣٨).
فإنما الأود هو للمحدود ، المتحرك بالتحريك ، المتحرر بالتحرير ، والمتغير بالتغيير ، وأما القيوم اللامحدود الذي لا يتغير بانغيار المخلوقين ولا يتحد بتحديد المحدودين فلا يؤده خلق ولا حفظه (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
ولئن صح التعبير فخلقه وحفظه له كتصوراتنا التي لا تكلفنا حولا ولا قوة إلا مجرد الإرادة المبدعة ، والخلق كلهم يوهم كل فعل وحتى التصور وهو تعالى لا يؤده أي فعل (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
أجل إنه سبحانه «لم يتكأده صنع شيئ منهما إذ صنعه ولم يؤده منهما خلق خلق ما برأه وخلقه» (١) فإنه «لا يتغير بحال ولا يتبدل في الأحوال ولا تبليه الليالي والأيام ولا يغيره الغيام والظلام ولا يوصف بشيء من الأجزاء ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض» (٢) ف «كل قوي غيره ضعيف وكل مالك غيره مملوك وكل عالم غيره متعلم وكل قادر غيره يقدر ويعجز».
(وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) : علي على كل شيء ، وعليّ من أن تناله طائرات العقول في منتهيات صعودها ، عظيم في علوه غاية العظمة (وَهُوَ الْعَلِيُّ
__________________
(١) النهج الخطبة ٢٢٨ و (٣٨) الخطبة ٦٤ و (٣٩) الخطبة ٢٢٨.
(٢) بحار الأنوار ٢ : ١٣٠ من الطبعة الجديدة عن عيون الأخبار باسناده الى محمد بن سنان قال : سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) هل كان الله عارفا بنفسه قبل ان يخلق الخلق؟ قال : نعم ، قلت : يراها ويسمعها؟ قال : ما كان محتاجا الى ذلك لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها ، هو نفسه ... وفي اصول الكافي مثله.