(قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ).
وحيث كانت الشمس الشارقة الغاربة قبل ان يخلق هو وآباءه ، لم يكن له أن يدعي إتيانه بالشمس من المشرق بنفسه فيعارض بالعكس : فليأت بها ربك من المغرب.
لذلك تراه هناك قال (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) وهنا «فان الله» دون «ربي» ارتقاء من ربوبيته الخاصة ـ تنازلا من ابراهيم في بداية الحجاج ـ الى الربوبية العامة «فان الله» فهنا لم يرد عليه بالنقض «فإني آتي بالشمس من المشرق ...» بل :
(فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٢٥٨).
فهذه بهتة بحتة ، لم يسطع عنها فرارا إلا إقرارا برب العالمين ، حيث التحدي قائم على سوقه ، ولا مدخل ولا مسرب لأي دخيل من تضليل وتدجيل ، اللهم الا بهتا بحتا مهما ثبت على كفره عنادا واستكبارا.
فتلك آية في الأنفس (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) ، وهذه حقيقة في الآفاق : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ ...) حقيقتان متجاوبتان في ذلك الميدان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ـ (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٤١ : ٥٣).
وهنا تتجاوب حيوية الإنسان في حاجياته البدنية والروحية ، فكما يبحث عن الهواء والماء وما أشبه ، ويجده بغية الحيوانية ببساطة ، كذلك حين يبحث عن عقيدة صالحة فهي على الأبواب التي يقرعها فطرية وعقلية وحسية ، فان الله