الإحياء ، حيث العلم المحيط بشيء يساوق القدرة عليه.
وقد تعني «بلى» ـ فيما عنت ـ ايمانه بخلّته لله ، المرجوة له من قبل الله ، وقد كان استجابته في احياء الموتى آية له بينة (١) ولكنه لا تلائم الآية مهما لا تعارضها ، حيث ان آية الخلة حسب الرواية هي احياء الموتى بطلبه ومرآه ، لا والكيفية المتطلبة هنا (كَيْفَ تُحْيِ).
هذا ـ وهو على اية حال لم يكن شكا من إبراهيم في أصل الإحياء ، فانما تطلب حق اليقين برؤية كيفية الإحياء ، فان واقع العلم بأفعال الله محجوب عن خلقه الا بعض من اصطفاه لهذه المنزلة الرفيعة ، إظهارا له من غيبه : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (٧٢ : ٢٧) فقد ارتضى ابراهيم لإراءه غيبة في إحياء الموتى كما ارتضى سائر المصطفين لغيب الوحي ، ولكن ذلك الغيب ميزة لإبراهيم فيه عن سائر درجات الوحي ، فان (مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) لا يفي إلا الناحية الرسالية المتطلبة وحي الرسالة كأصل ، دون سائر الغيب ، اللهم إلا المرتضى الأعلم والأعلى رتبة في كل غيب بالإمكان إراءته لمرتضى.
فإذا أرى إبراهيمه الخليل كيف يحيي الموتى بما سأل ، فقد كان يري محمدة
__________________
(١). المصدر في عيون الأخبار متصلا عن علي بن محمد بن الجحم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا (عليه السلام) فقال له المأمون باين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عز وجل (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) ـ الى ان قال ـ : فأخبرني عن قول ابراهيم (عليه السلام): (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)؟ قال الرضا (عليه السلام) إن الله تعالى كان اوحى إلى ابراهيم أني متخذ من عبادي خليلا إن سألني إحياء الموتى أجبته ، فوقع في نفس ابراهيم (عليه السلام) انه ذلك الخليل فقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى ... قالَ فَخُذْ ...)