وتراه كان مشتبها بشبهة الآكل والمأكول كما تلمح الرواية؟ كلا! حيث الجواب (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ ...) ليس فيه خلطهن بعد تقطيعهن ، مهما تستفاد من ذلك الإحياء ـ ضمنيا ـ الإجابة الوافية عن الشبهة.
وقد يقرب أن تطلّبه هذا كان بمرأى نمرود بعد تدجيله في حجاجه ، لكي يريه إبراهيم ان القصد من إحياء الموتى هو ما يريد ربه لا ما افتعله نمرود وكثير مثله يفعلون مثله.
فقد تطلّبه في ذلك الموقف الحرج المرج بالنسبة لأهل الموقف ، لكي يريهم عدم وهن حجاجه ، وان انتقاله الى اخرى لم يكن إلا لغباوة نمرود وتجاهله عن حقيقة الأمر.
وقد يبعده ان ذلك المجال العجال ما كان يسع فسحة ذلك الإحياء ، إمالة للطير إليه ، ثم جعل أجزاءهن المتفرقة على كل جبل ، ثم دعوتهن ليأتينه سعيا ، اللهم إلّا لمن واجه واقع القصة على طولها وطولها! ولكن (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ ...) يبعده ثانية فان بابل ليست تحمل جبالا ، فقد كانت القصة بعد انتقاله الى سوريا الأردن.
او انه سأله تعالى تساءلا عنه من قومه ، ليروا بأم أعينهم كيف تحيى الموتى ، ولكن «تحيي» تمنع ان يكون هو السبب ، فإنما ذلك من هوامش السبب والأصل هو رؤية الملكوت.
وقد يجمع الى كل هذه أن إحياء الموتى بدعائه ثم دعوته كان من آيات رسالته ، تقوية للمؤمنين ، وحجة بالغة على الناكرين.
وعلى اية حال لم يكن هنا او هناك شك في إحياء الموتى حتى يطلب بعيانه بيانه وانتقال الى اليقين ، فهناك «أنى» سؤالا عن زمانه دون أصله ، وزمان