الإحياء مجهول لدى الكل ، وهنا «كيف» سؤالا عن كيفية وليس الا بعد العلم بأصله ، والعلم بالكيفية محجوب عن الكل.
فقد زوّد سائل «أنى» برؤية العين لأصله بعد العلم به ، ثم سائل «كيف» برؤية الكيف فوق أنّاه وأصله ، وسائر النتائج إيجابية وسلبية انما هي طوارئ على إجابة الكيف ، وفي (وَإِذْ قالَ ...) تلميحة لطيفة ان المخاطب ب «الم تر ... او كالذي» عرف كل الثلاث كأنه حاضر لديها «الم تر ... إذ قال إبراهيم» سمعا لقاله ، ورؤية لحاله ، ومشاهدة للكيف الذي تطلبه ، دون سؤاله ، فقد حلق على ذلك المثلث البارع من مراتب العلم وزيادة هي من ميزات اوّل العابدين وآخر النبيين.
وترى ما هو موقف العاطف في (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ)؟ إنها تبرءه لساحة الخليل ألّا يؤمن بوعد الجليل ، فان (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) تشعر بإمكانية عدم إيمانه ، ولكن الواو تعطف الى محذوف معروف ، أنك بعد ما آمنت بالبينات (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) كما ترجوه وبه تطمئن؟ (قالَ بَلى) آمنت (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) بحق اليقين ، حظوة من حيطة علمية ب (كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) كما يمكن لغيرك يا رب ، فما ذلك السؤال إلا لسؤال التشوف إلى ملابسة سرّ الصنعة الإلهية ، وملامسة الملكوت : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)
إنه أمر وراء الإيمان بالبرهان والبرهان للإيمان ، إنه تطلّب لرؤية السر الرباني في كلمة التكوين كما يسمح لمثل الخليل من عطف الجليل ، فلا تحيله استحالة الحيطة على الملكوت ، فان لها مراحل تختص قمتها بالله تعالى ولا يحيطون به علما.
صحيح انه هو ـ فقط ـ عالم الغيب ولا يظهر على غيبه أحدا ، ولكن قد يستثنى من ارتضى (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) قد يظهره على غيب له دونما يختص بساحته تعالى.