القطع والفصل (١).
وقد يجوز ان تعني «صرهن» كلا الإمالة والقطع ، فهي في الأولى لازم وفي الثانية متعد ، وقد عني هنا منها الجمع ، ف «إليك» نص في الإمالة ، وبضمها القطع بمعناه الآخر ، فقد جمع فيها بين إمالة الطير الأربعة إليه ثم تقطيعها (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً).
فقد يستفاد تقطيع الطير هنا من «صرهن» ثم من (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) حيث الجزء لا يطلق على كل واحدة من الطير ، وانما أجزاؤها المجزءة بالتقطيع.
ولماذا الإمالة قبل التقطيع؟ انها لمعرفة شاملة بها حتى يعرفها بعد الدعوة انها هيه بأعيانها دون غيار ، كما وان في تلك الإمالة أنسا لها به (عليه السلام) لا ينسى بالإماتة ، ولولا ذلك الأنس لما أجابت دعاءه أن (يَأْتِينَكَ سَعْياً) فانما الناتج عن إحيائها ـ وهو فعل الله ـ أن تحيى فتطير حيثما شاءت ، دون جهة خاصة يعنيها ابراهيم الخليل (عليه السلام).
فقد تلمح (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) ان احياءهن لم يكن من فعل ابراهيم ، وكما انه تطلب من ربه (أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) لا «أحيي الموتى».
__________________
ـ ميل ، وفي صفة مشيه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان فيه شيئ من صور اي ميل ـ اي إذا جد به السير لا خلقة ، وفي حديث عمر : نتعطف عليهم بالعلم قلوب لا تصورها الأرحام اي لا تميلها ، وفي حديث ابن عمر : إني لأدني الحائض مني وما بي إليها صورة أي ميل وشهوة تصورني إليها ، وفي حديث عكرمة : حملة العرش كلهم صور ، وهو جمع أصور وهو المائل العنق لثقل حمله.
(١) لسان العرب : وصرت الشيئ ايضا قطعته وفصلته ، قال العجاج : صرنا به الحكم وأعيا الحكما وفي حديث مجاهد : كره ان يصور شجرة مثمرة ، والصوّار القطيع من البقر.