خالية عن الإسراف والتبذير ، وأقله الانفاقات الواجبة المستمرة ، كالضرائب المستقيمة ، وبينهما عوان من واجبات ومندوبات.
وقد تعني «أموالهم» كل صنوف الأموال ، دون تحليق على كل مال عن بكرته ، تدليلا على ان واجب الزكوة غير محصورة في التسعة المعروفة ، بل هو شامل كل الأموال قصدا في إنفاقها او عفوا هو قمة القصد.
وذلك الإنفاق الأديب الأريب هو الذي يرفع مشاعر الإنسانية ولا يشوبها ، حيث لا يمس كرامة الفقراء ولا يخدش شعورهم ، حيث ينبعث عن أريحية ونقاء ، ابتغاء مرضاة الله.
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ٢٦٢.
هؤلاء الممثل لهم بذلك المثال البارع الأمثل ليسوا هم كل المنفقين أموالهم في سبيل الله ، مهما كانت نياتهم خالصة لله ، بل هم (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) فإن المنفق لهم في سبيل الله هم من سبل الله ، فليسلك لهم في الإنفاق أسمى المسالك وأصلحها ، وليس سبيل الله إلا سبيل صالح السالك ، فإن الله لا يوصل إليه بسلوك سبيله ، ولا تصل إليه عائدة من إنفاق وسواه من الصالحات ، إذا فلا منّ في سبيله اثقالا بمال على أية حال ، ولا اي أذى آخر غير المن ، وأي تحميل او تدجيل او تذليل ، اللهم إلا إنفاقا بكل تبجيل وتجليل وكأن المنفق عليه هو المنفق ، وهو في الحق هكذا حيث الآخذ في الأصل هو الله بسبعمائة ضعف لأقل تقدير ، ف (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) (٩ : ١٠٤) ـ (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) (٢ : ٢٧٠) (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٣٤ : ٣٩).