المكفر بما ازاله لا يرى ، فإنما يرى كل خير وشر باق إلى يوم الحشر ، وقد يرى خيرا لم يعمله حيث أوتى بنية ، ام شرا لم يعمله حيث رضيه من فاعله ، ام لا يرى خيرا عمله حيث أحبط بما يحبطه ، ام لا يرى شرا عمله حيث كفره بما يكفره!.
و «المن» هنا طليقة تشمل المن على الله وهو في حد الكفر بالله ، والمن على عباد الله وهو كفران لمنن الله ، ثم «الأذى» تخص المعطون من نعم الله ، أذى في حال ام قال واعمال.
ولأن المن والأذى دركات ، كذلك الإبطال دركات.
(لا تُبْطِلُوا ... كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ ...) فهو لا يستشعر نداوة الإيمان وبشاشته ، بقلب صلب صلد مغشى بالرياء ، فإنفاقه ـ إذا ـ ليس في سبيل الله ، بل في سبيل الناس ، وكأنه تأليه للناس بديلا عن الله ، لولا رئاء الناس لم يكن لينفق ماله ، ولكنه يرمي برئائه هدفين اثنين ، ظاهر كأنه لله ، وباطن أنه للناس.
(... يُنْفِقُ ... وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فان الإيمان قيد الفتك ، واي فتك أفتك من رئاء الناس ، فمهما كان ذلك المنفق مؤمنا بالله واليوم الآخر ، ولكنه قشر لا لبّ له ، فان لب الإيمان يلبي دعوة الرحمن ، دون تلبية لمن سواه.
«... فمثله» في إنفاقه النفاق ، الحابط في حساب الله (كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ ...). ويا له من مثل هو الأمثل في ذلك الإنفاق الحابط الخابط «صفوان» : حجر صلب صلد كما يفسره (فَتَرَكَهُ صَلْداً) فهو الحجر الصافي القاحل الذي لا ينبت عليه اي نابت مهما حمله ترابا ظاهرا طفيفا ، حيث التراب ينبت إذا اصابه وابل ، ولكنه (فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً) كما هو في