حسب قابليات الجنات (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) هل يستحق لمضاعفته وابلا او طلّا؟.
فجنات المؤمن بربوة هي بين وابل وطل وبينهما متوسطات ، والطل هو قلّ فإنه رذاذ من الرطوبة يكفي التربة الخصبة تنمية لبذورها مهما كانت قليلة.
والوابل هو المطر الغزير الكثير ، الذي يروّي الجنة كما تصلح وتصلحها لأعلى قمم الربوة النماء.
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) ٢٦٦.
مثل ينبه الذين ينفقون أموالهم في غير مرضات الله ، ان المن والأذى ورئاء الناس هي إعصار فيه نار تحرق جنة الإنفاق مهما كثرت وازدهرت بكل الثمرات ، فهذا المنفق يصبح يوم فقره وعيلته صفر اليد عن كل ما أنفق ، و (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).
و «جنة ...» يمثل واقع الإنفاق لو خلي وطبعه ، (وَأَصابَهُ الْكِبَرُ) يمثّل فقدان القوة حيث لا يقدر على شيء بعد استمرارا لعيشته ، وهو مثال لما بعد الموت (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ) مثال لفقدان أي نصير في انقطاع الأسباب ، فلم تبق له إلا جنته هذه التي حصل عليها في قوته وشبابه ولكنها أيضا (فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) تلك الجنة فما ترى له من باقية ، إلا باغية طاغية!.
والإعصار ريح ترتفع مستديرة في السماء كأنها عمود ، المسماة بالزوبعة ، فهي من شدة إعصارها تولد نارا تحرق ما أصابته.
وهكذا (قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) ـ (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ).