فالصدقة التي هي في نفسها كجنة ظليلة وارفة مثمرة ، تصبح في غير وجه الله نارا محرقة ، وإلى خطوة أخرى في شاكلة الصدقة من حيث المادة ، بعد شاكلتها في النية والطوية ، وحتى المواجهة مع الفقراء :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) ٢٦٧.
(طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) تعم كافة المكاسب المحللة دون إبقاء ، كما (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) تعم كل نابتات الأرض وسواها من نباتات ومعادن فوق الأرضية وتحت الأرضية ، وبصيغة عامة كل خارج من الأرض ما يتموّل دون إبقاء.
ف (ما كَسَبْتُمْ ...) تعني كل ما سعيت في الحصول عليه بتجارة او إجارة او عمالة أماهيه ، و (مِمَّا أَخْرَجْنا) كل حاصل دون سعي كالأرض وما فيها وما عليها ، مهما سعيت في إخراجه منها ، فإن أصله حاصل دون سعي.
إذا فهما تشملان كل الأموال منقولة وغير منقولة ، فواجب الإنفاق يعم الأموال كلّها ، وتخصيصه بتسع الزكاة تخصيص بالأكثر ، وخلاف للنص ، فان (مِمَّا أَخْرَجْنا) لا تتحمل الإختصاص بالغلات الأربع ، إلا ألّا تكون سائر المخرج من الأرض من إخراجه تعالى ، وإخراج الخضراوات عن واجب الزكاة لا يلائم نص الإطلاق هنا ، ام يؤول الى استثناء العين انتقالا الى الثمن إذا زاد عن مؤنة سنة ، وهكذا يكون دور الحديث «ليس فيما دون خمسة او سق صدقة» حيث الخمسة مؤنة ام اقل منها فلا ربوة عن الحاجة فيها حتى يتصدق منها.
ومن التحريفات التخريفات التي أصبحت كالضروريات ـ وهي مخالفة