الإنسانية المتشتتة ، فلا بد من حكمة معصومة تعصمنا عن كل الأخطاء ، وتمشيّنا على صراط مستقيم.
و «من يشاء» هنا وفي اضرابها تدلنا على ان الحكمة المؤتاة ليست هي الفطرة ولا العقلية الإنسانية ، فإنهما مبذولتان لكل إنس أو جان ، ثم وليستا هما (خَيْراً كَثِيراً) بل هما قلّ بجنب الحكمة الربانية المتعالية ، التي تعصمنا عن كل الأخطاء.
هنالك بعد الفطرة والعقل ـ كحكمتين داخلتين ـ يأتي دور حكمة الإيمان ، فالتقوى ، فالعدالة ، ومن ثم حكمة العصمة ، ولا تعني «الحكمة هنا» إلا الزائد عن الأوليين ، على درجاتها حسب المساعي والفاعليات والقابليات.
فالحكمة هي بصورة عامة ما تربط صاحبها عن التعثر والتبعثر فطريا ـ عقليا ـ علميا ـ خلقيا ـ عقيديا ـ عمليا ، وفي ايّ من الحقول الحيوية ، (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ...).
فلا تعني «الحكمة» هنا ولا في سائر آياتها العشرين ، الحكمة المختلفة البشرية ، المتخلفة عن الحكمة الربانية ، فهي على تناقضاتها ، وتخلفاتها عن الحكمة الإلهية ، لا تأهل لتكون من عطيات الله الخاصة ، الموصوفة ب (خَيْراً كَثِيراً) بل هي من خلفيات أفكار فلسفية خليطة من الحق والباطل ، غير خليصة عما يناحر الحكمة الحكيمة.
وإذا كانت هي حكمة تمنع عن التعثّر والانزلاق ، فما هذه التعثرات الشاسعة ، والاختلافات الواسعة بين أصحاب الحكمة البشرية ، فلم تزد هي على كل أبعادها إلا إبعادا عما تحكمه الفطرة السليمة والعقلية الإسلامية السامية.
وليس معلم الحكمة الحكيمة المرضية إلا الله ، ورسل الله بما أرسلهم الله