(يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ...) (٢ : ١٢٩) فالقرآن هو كرأس الزاوية في حقل الحكمة الإلهية في كل بنود الدعوة الرسالية (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ) (٥٤ : ٥).
ذلك ، وكما الله حكيم (١) واين حكيم من حكيم ، إلّا أن الحكمة النازلة على رسله وسائر المصطفين من خلقه ، هي من حكمته الممكن إيتاءها لخلقه ، استحكاما في سبل عبوديته.
والحكمة في آياتها العشرين هي القرآن وما يحويه ، وهي حكمة نبي القرآن تفسيرا وتطبيقا لما يحويه ، ولان القرآن حكمة في كل الحقول ، فقد تعني الحكمة بكل زواياها الفطرية والعقلية والعلمية والعقيدية والاخلاقية و ـ الفردية والجماعية ، اقتصادية وسياسية وحربية اماهيه من حكمة تربط عن الانزلاق والتخلف.
وأفضل الحكم الربانية على طول خط الرسالات هو القرآن العظيم ، فالعلم به حكمة علمية مطلقة ، والتخلّق به حكمة خلقية ، والعمل به حكمة عملية ، وقد يروى عن رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم): «من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير انه لا يوحى اليه ، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله وصغر ما عظم الله وليس ينبغي لصاحب القرآن إن يجد مع من جد ولا يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله» (٢) و «القرآن غنى لا فقر بعده ولا غنى دونه» (٣) و «من
__________________
(١) لقد وصف الله نفسه بالحكيم في (٩٩) آية من الذكر الحكيم.
(٢) الدر المنثور ١ : ٣٤٩ ـ أخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن عمر ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ... ـ