فلأن تبنّي النفس صالحة خالصة عند الله أفضل من تبنّي الغير إلّا بعد النفس ، ف (إِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ).
ثم (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) في نفسه ، نبراسا للآخرين وأسوة للشاردين ، وتشجيعا للواردين ، ثم والجمع بين «نعما هي ـ و ـ خير لكم» ان تؤتى الصدقة بادية بخالص النية ، دون فارق فيها بين السر والعلن إلّا بان العلن قدوة وأسوة.
ولان طبيعة الحال في إبداء الصدقات تسرب الرئاء وما أشبه من استخفاف الفقير وان لم ينوه ، فصدقة السرّ ـ هي ككل ـ أفضل من العلن ، فإن فقدت قدوة فليست لتبتلى بالرئاء ، ودفع الضر أولى من جلب مزيد الخير.
فلذلك ترى أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة اهل بيته (عليهم السلام) تتواتر بفضل صدقة السر ، لحد «يتصدق بيمينه فيخفيها عن شماله» (١) و «صدقة السر تطفئ غضب الرب» (٢) (فَنِعِمَّا هِيَ) تعني
__________________
ـ لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت : بلى يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله فانها كنز من كنوز الجنة ، قلت فالصلاة يا رسول الله؟ قال : خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء اكثر ، قلت : فالصوم يا رسول الله؟ قال : قرض مجزئ ، قلت : فالصدقة يا رسول الله؟ قال : اضعاف مضاعفة وعند الله مزيد ، قلت فأيها أفضل؟ قال : جهد من مقل وسر إلى فقير.
(١) المصدر ٢٥٤ ـ اخرج احمد والبيهقي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن انس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت يا رب هل من خلقك شيئ أشد من الجبال؟ قال : نعم الحديد؟ قالت : فهل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال : نعم النار ، قالت : فهل من خلقك شيئ أشد من النار؟ قال : نعم الماء قالت : فهل من خلقك شيئ أشد من الماء؟ قال : نعم الريح ، قالت : فهل من ـ