الصدقات الظاهرة في نفسها ، ثم (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) في أنفسكم ، واين خير من خير ، حيث الثاني يصنع الأنفس والاول صانع الآخرين ، ولذلك فضّل السر على العلن بكلمة التفضيل (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) أنفسكم من صدقة العلن ، وقد تشمل «لكم» الفقراء الى جانب الأغنياء حفاظا على كرامتهم كما تحفظ الأغنياء من الرئاء.
ولان الصدقة الواجبة هي ابعد عن الرئاء من النافلة ، فابداءها ـ إذا ـ قد يكون أفضل من إخفائها اللهم الا رئاء الناس ، كما ان إخفاء النافلة أفضل من ابداءها اللهم الا اتقاء رئاء الناس وهكذا تفسر الأحاديث المفسرة لإبدائها بالفريضة ولاخفاءها بالنافلة (١).
وليست الآية لتعني نافلة الصدقة ككل (٢) كما لم تنقسم الى فريضة في ابداءها ونافلة في إخفائها ، حيث «الصدقات» تحلق عليهما ، مهما كانت
__________________
ـ خلقك شيئ أشد من الريح؟ قال : نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها عن شماله.
وفيه عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) انه ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلّا ظله.
(٢) فيه اخرج الطبراني عن معاوية بن حيدة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ...
(١) نور الثقلين ١ : ٢٨٩ ـ القمي بسند متصل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كل ما فرض الله عليك فإعلانه أفضل من إسراره وكل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه ولو ان رجلا حمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا.
وفيه عنه عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز وجل : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) قال : هي الزكاة المفروضة ، قلت (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ) قال : يعني النافلة ، إنهم كانوا يستحبون اظهار الفرائض وكتمان النوافل.
(٢) المصدر عن الكافي بسند متصل عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال قلت له : (إِنْ تُبْدُوا ...) قال : ليس من الزكاة ... أقول : تعني المفروضة ، وفيه عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل (وَإِنْ تُخْفُوها ...) قال : هي سوى الزكاة ان الزكاة علانية غير سر.