معاكسة الفضيلة في الإبداء والإخفاء بين الفريضة والنافلة.
ثم الصدقة قد تكون صفة للعطية ، فقد تعني العطية الصادقة ، صدقا مع الله حيث تعطى في سبيل الله وتصديقا لوعد الله حيث وعد اضعاف الجزاء ، وصدقا مع عباد الله حيث تعطى دون منّ ولا أذى ، وصدقا مع نفس المعطي حيث لا تخالجها أية خالجة خارجة عن الصدق.
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (٢٧٢).
الهدى هي واقعها بعد الدلالة إليها وتقبّلها ، و (لَيْسَ عَلَيْكَ) ولا لك «هو أهم» لأنها توفيق وتكوين وهما من مختصات الربوبية (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (٢٨ : ٥٦).
فلقد كان حريصا على هداهم شغفا الى هدى الله فنبهه الله : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ) (١٦ : ٣٧).
والهدى هنا تعم القلبية والعملية ، و (ما تُنْفِقُوا ...) تناسب الثانية كما تناسبها الآيات السالفة ، فقد كان الرسول يدأب في حملهم على هداهم في صالح الإنفاق ، وكان يتحسر على تخلفاتهم عنه ، فأذهب الله عنه الحزن بما بين أن (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) الهدى ، ومن يشاء ان يهديه وهو الذي يحن إلى هدى ، فلا ان مشيته بيدك ولا مشية الله ، (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) (٣ : ٢٠).
وقد يعنى «هداهم» الاولى الى جانب الثانية ، ألا تختص بانفاقك اهل الإسلام وتحرم من سواهم إذ لم يهتدوا حتى يهتدوا وكما يروى «ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأمرنا ان لا نتصدق إلا على اهل الإسلام حتى نزلت