هذه الآية فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين» (١) ، ثم تشجيعا للمنفقين يثلث لهم الترغيب :
(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) وليس لله حيث لا ينتفع به الله ، وانما أنفسكم أنتم حيث تزدادون سماحة في أنفسكم ونماء في أموالكم وخيرا في أولاكم وأخراكم ، وذودا عنكم كل دوائر السوء من المعدمين.
كما والمنفق إليهم هم ايضا من أنفسكم ، وفي اخوة اسلامية ـ ام ولأقل تقدير ـ اخوة انسانية ، فقد يأمركم الله بالإنفاق الراجع بصالحه في كل الأبعاد قريبة وبعيدة الى اشخاصكم والى ذوي نوعكم ، من اهل الكتاب وسواهم ، ومن المسلمين مهما تفاضلوا في وجه الإنفاق.
٢ (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) إخبار يحمل آكد الإنشاء ، أمرا مؤكدا بوجه الإنفاق انه فقط (ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) ورضاه لا سواه ، فالإنفاق في ذلك الوجه هو خير ولأنفسكم ، والا فهو شر وعلى أنفسكم ، وحين يكون الإنفاق لوجه الله فلا يختص باهل دينكم بل واهل كل الأديان مهما كان المسلمون أفضل.
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٥٦ ـ أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء عن ابن عباس ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ... وفيه أخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتصدق على المشركين فنزلت (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) فتصدق عليهم ، وفيه أخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تصدقوا الا على اهل دينكم فانزل الله (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) ـ الى قوله ـ (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : تصدقوا على اهل الأديان ، وفيه أخرج سفيان وابن المنذر عن عمرو الهلالي قال : سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنتصدق على فقراء اهل الكتاب فأنزل الله : ليس عليك هداهم ... ثم دلوا على الذي هو خير وأفضل فقيل : للفقراء الذين ...