٣ (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) و «خير» هنا وهناك تعني خير الإنفاق نية وكيفية وفي مادته ، ثم (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) وعد بالوفاء ولكنه أضعاف كثيرة أقلها سبعمائة ضعف كما تقدمت في آية الأضعاف ، ثم وذلك الوفاء هو في مثلث النشآت : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
فليس فقط (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) بل هو تنازل في حدّ الوفاء ، ام «لا تظلمون» فيما وعدتم وهو ضعف العذاب ، مهما كان الإنفاق لغير المسلم ، اللهم إلا من يتقوى به ضد الإسلام ، ولمن ننفق كأفضل موارده حتى نكسب أفضل الوفاء؟ :
(لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣)).
«للفقراء» وهم الذين أفقرهم العدم وهم أسوء حالا من المساكين ، وهم في خماسية الارجحية على سائر الفقراء :
١ (الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) حصرا لكل حركاتهم وبركاتهم في سبيل الله ، جهادا وسواه والمؤمن كل حياته جهاد ، وكل مواقفه حراسة على شرعة الله ، ومراسة للدفاع عن حرمات الله ، كأهل الصفّة الذين ظلوا في مسجد الرسول حرسا لبيوت الرسول ، لا يخلص إليها من دونهم عدو ، حصرا لحياتهم وكل فعالياتهم في سبيل الله وهؤلاء كانوا أضياف الإسلام (١) ، وهكذا
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٢٥٨ ـ أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحق الى اهل الصفة فادعهم ، قال : واهل الصفة أضياف الإسلام لا يلوون على اهل ولا مال إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها.