هذا! وقد يقترض الفقير لإمرار معيشته اليومية دونما عمل فيه لعجز أم قصور فيما اقترض ، فهو السحيق المحيق منذ يقترض ، قد يضطر أن يفدي بكل ماله من مسكن وملبس أم وعرض وما شابه.
هنا تجتمع الثروات الضخمة عند المرابين ويخلو الجانب الآخر من المال ، كما تغلو الأسعار وفاء لعبء الربا من جانب هؤلاء الفقراء المعدمين ، فهذه الرأسمالية الظالمة ومن ثم الشيوعية ، هما وليدتان غير شرعيتين للنظام الربوي أكثر من كل أقسام الأكل بالباطل!.
ومن ناحية أخرى تدحر الربا أصالة العمل والكدح وحرمته إلى أصالة نفسها التي هي بصيغة أخرى أصالة البطالة ، كما ويعدم المعروف بأسره عن المجتمع ، فلا عطف على الفقراء في قرض حسن ، اللهم إلّا موتا آخر بعمل كادح قادح لا يحصل عامله على بلغة عيشه (١).
__________________
(١) في الوسائل ١٢ : ٤٢٤ محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن تحريم الربا! فقال : «إنه لو كان الربا حلالا لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه فحرم الربا لتنفر الناس من الحرام إلى الحلال وإلى التجارات من البيع والشراء فيبقى ذلك بينهم في القرض».
وفيه عنه بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال : «إنما حرم الله الربا كيلا يمتنعوا من صنائع المعروف» أقول : لأن المرابي إضافة إلى اقترافه منكر الربا ليس ليقرض ماله قرضا حسنا فضلا عن إنفاقه في سبيل الله ، فالمعروف أعم منهما.
وفيه عنه بإسناده عن محمد بن سنان أن على بن موسى الرضا عليهما السلام كتب إليه فيما كتب من واجب مسائله : وعلة تحريم الربا لما نهى الله عز وجل عنه ولما فيه من فساد الأموال لأن الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهما وثمن الآخر باطلا ، فبيع الربا وشراءه وكس على كل حال على المشتري وعلى البائع فحرم الله عز وجل على العباد الربا لعلة فساد الأموال كما حظر على السفيه أن يدفع إليه ماله لما يتخوف عليه من فساده حتى يؤنس منه رشده ، فلهذه العلة حرم الله عز وجل الربا ، وبيع الدرهم بالدرهمين.