لا تجد أي باطل في الإقتصاد الإسلامي في مثلثه : تحصيلا ، وصرفا لمصالحك الشخصية ، وإعطاء لآخرين ، حيث الزوايا الثلاث فيه محصورة بسياجات عاقلة عادلة وفاضلة ، لا يستطيع صاحب المال أن يتخلف عنها ، فلا تحصل طبقية ظالمة عارمة بين من يطبّقون ذلك العدل في الإقتصاد.
فلا دور هنا للبطالة بكل صورها ، اللهم إلّا قصورا عن أي عمل مستطاع تحصل به ضرورة المعاش ، فمن وهبه الله سعة ، عليه أن يفيض منها على من قدر عليه رزقه دون منّ ولا أذى ولا نظرة جزاء إلّا مرضات الله.
فكما لا يسمح الإسلام أن تكون كلّا على غيرك إلّا بضرورة ، كذلك لا يسمح لك أن تختص بواسع رزقك ـ دون إنفاق له ـ إلّا قدر الضرورة : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (٢ : ٢١٩) وهو الزائد عن الحاجة المتعودة ، وذلك غاية الإنفاق ونهايته التي تقتضيها ضرورة المعاش للقاصرين ، فإذا كنز ـ إذ هو غير محتاج إليه ـ فبشره بعذاب أليم!.
فالمال في الإقتصاد الإسلامي دولة بين كل المسلمين ، دون الأغنياء المترفين (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) (٥٩ : ٧) ولا نصيب من الأموال الخاصة أو العامة إلّا قدر السعي والحاجة ثم الباقي الذي تحصل عليه بسعي أكثر وعمل أوفر ، عليك أن تنفقه في سبيل الله قدر الحاجة في الحقل الإسلامي فردية وجماعية ، شعبية أو حكومية.
__________________
ـ وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله عز وجل لها لم يكن استخفافا منه بالمحرم الحرام والاستخفاف بذلك دخول في الكفر وعلة تحريم الربا بالنسيئة لعلة ذهاب المعروف وتلف الأموال ورغبة الناس في الربح وتركهم القرض والقرض صنائع المعروف ولما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الأموال أقول : ورواه في عيون الأخبار وفي العلل بأسانيد متصلة.