مال فهو فاضي اليدين عن كل شيء ، ومنه ٣ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ...) ومنه ٤ (ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ومنه ٥ (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ...) ٦ ومنه (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) ٧ ومنه (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ ...).
كل ذلك تشمله (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) ويستفاد أمره التكوين إن ظل تائبا من (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) إضافة إلى (فَلَهُ ما سَلَفَ).
(يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) ٢٧٦.
التقابل بين «الربا» وهي أكل بباطل دون مقابل و (الصَّدَقاتِ) وهي إيكال بحق دون مقابل ، إنه تقابل لطيف وبينهما عوان هو المبادلة العادلة ، لا أكلا بباطل ولا إيكالا بلا مقابل.
ولأن الربا ما حقة للدين والديّنين ، وما حقة للاقتصاد ، لذلك (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) ثم الصدقات مربية في حقلي العطف الإنساني والإقتصاد فهو (يُرْبِي الصَّدَقاتِ) وذلك معاكسة فيما تعنيه الربا من الزيادة والصدقات من النقصان ، لغويا ، فالربا ممحوقة وإن سميت ربا ، والصدقات رابية وإن لم تسمّ ربا.
فرغم أن الربا مزيد مال دون عوض ، الله يمحقها ، ثم الصدقات نقصان مال دون عوض ، الله يربيها ، فترى ما هو محق الربا وإرباء الصدقات في الحقل الاقتصادي ، بعد ما نعرف منهما في الحقل الروحي والجزاء يوم الدين؟.
المحق هو نقصان إلى زوال حالا بعد حال ، وهكذا الربا خلاف اسمها وظاهرها عند أهل الظاهر ، فإن الربا ـ على حد قول الرسول (ص) ـ «وإن كثر فإلى قل» (١) قلّ في ريع الإقتصاد إضافة إلى قلّ في الفضائل الروحية ، وقلّ في
__________________
(١) الدر المنثور أخرجه عن النبي (ص).