فهنا فرض هو (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) لمن (كانَ ذُو عُسْرَةٍ) ثم نفل (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) تشملان كل داين ومدين ، قرضا حسنا ، أم وبأحرى ربا.
وحين يندب إلى تصدق رأس المال ، فبأن يعفو عن بعضه او يستعجل آجله أحرى ، ف «إنه لم يزدد على رأس ماله» (١).
«ذو عسرة» هنا هو كل من يعسر عليه أداء دينه مهما كان عنده حاجيات حياته الواجبة له ولأهله ، فليس عليه بيع داره أو ركوبه أو ملابسه أمّا ذا من حاجياته المتعوّدة العادلة ، اللهم إلا إذا حصل عليها من أصل الدين ، لا سيما إذا كان استدان وهو لا يرى عنده وفاء.
و «ميسرة» هي اليسر بزمانه ومكانه قدر المقدور من دينه كلّا أو بعضا وكما يستطيع ، فلا يجوز حمل المدين على عسرته لدفع ما عليه ولا بشطر كلام
__________________
ـ تبارك وتعالى يقول : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) أخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه لها حدّ يعرف إذا صار هذا المعسر لا بد من أن ينظر وقد أخذ مال هذا الرجل وأنفقه على عياله وليس له علة ينتظر إدراكها ولا دين ينتظر محله ولا مال غائب ينتظر قدومه؟ قال : نعم ، ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام فيقضي ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله ، فإن كان أنفقه في معصية الله فلا شيء له على الإمام قلت : فما ل هذا الرجل أيتمنه وهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله أم في معصية الله؟ قال : يسعى له في ماله فيرده وهو صاغر.
أقول : ميسرة وصول خبره إلى الإمام هي بعد العسر المحلّق عليه ، فإن رجى أنه إلى ميسرة فلا إلّا أن يضطر الدائن ثم يرد إن أيسر إلى بيت المال.
(١) المصدر في الكافي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : سئل عن الرجل يكون له دين إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه فيقول : أنقدني كذا وكذا وأضع عنك بقيته ، أو يقول : أنقدني بعضه وأمد لك في الأجل فيما بقي عليك؟ قال : لا أرى به بأسا أنه لم يزد على رأس ماله قال الله عز وجل (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ).