التداين هو التعامل بالدين ، فلا يشمل (تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ) ولذلك قوبلت ـ أخيرا ـ بالتداين.
ولأن التداين هو التعامل بالدين بين اثنين ، الشامل لنسيئة الجانبين وهو باطل بالمرة ، لذلك قيد هنا «بدين» فإن وحدته دليل وحدة الدين ، سواء أكان بيع العين بالدين وهو النسيئة السلم أم بيع الدين بالعين وهو السلف وقد يروى عن الرسول (ص) قوله : «من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» (١) ومثله السلف في الأجل فهما ـ فقط ـ داخلان في نطاق آية الدين ، بعد ما خرجت التجارة الحاضرة والنسيئة من الجانبين وهو بيع الكالي بالكالي.
ولماذا «تداينتم» أولا ، الشامل لدينين بين اثنين ، ثم خروجا له «بدين»؟ علّه للتأشير إلى هذين النوعين : إدانة واستدانة ، والتعبير الصالح عنهما ككل ليس إلّا «تداينتم» فقد تسلف وأخرى تستسلف.
فلو كان النص «دنتم» بدلا عن «تداينتم» لم يشمل إلّا الإسلاف ، وبقي الاستسلاف خارجا عن نطاق الآية.
وترى القرض ـ في غير مبايعة أماهيه من سائر المعاملات ـ داخل في نطاق «تداينتم»؟.
طبعا نعم! إذ قد يدين المؤمن وقد يستدين وهما المداينة ، دون أن تكون ضمن معاملة ، مهما شملت المداينة التي هي ضمن معاملة أخرى كالتجارة والإجارة وما أشبه.
وهنا (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) تفرض أن تكون المداينة بدين ـ أيا كان ـ إلى
__________________
(١) آيات الأحكام للجصاص ١ : ٥٧٥ وقد رواه جماعة من السلف.