كانت الثقة بالمدين كاملا أم وأكمل من الكتابة ، ليست لتفيد بعد الموت حيث لا سند ولا وثيقة وقد مات محور الثقة ، ثم النسيان لأصل الدين أو قدره أو أجله لا تجبره أية ثقة ، فلذلك نجد الحث في النص عدة وعدة للحفاظ على ما لا تحافظ عليه الثقة قبل الموت وبعده.
ذلك! ولكن (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ ...) مما يبرهن على كفاية الثقة الكاملة ، ولكنها إنما تكفي حالة الحياة والذكر ، اللهم إلّا أن يكفي ذكر الدين عند المدين في مذكّرته ، ذكرا للدين قبل الموت للدين وبعده للوارث.
(فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ ...).
وترى الكاتب بالعدل بينكم هو غير المخاطبين ب «فاكتبوه»؟ وكتابة واحدة تكفي عما يرام!.
ولكن «فاكتبوه» أمر بكلا الدائن والمدين ، أن يكتب الأوّل ما له والآخر ما عليه ، ذكرا في مذكرته عنده ، ثم (لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ) كتابة مشتركة بينهما ، فيها ما لهما وعليهما ، «ليكتب بالعدل ـ كاتب بالعدل» عدلا في الكاتب وعدلا في الكتابة أن يكتب عدلا لأصل الدين ومقرراته بينهما ، وصراحا في الدين بمخلفاته ، دون أن يتسرب إليه احتمال إبطال حق له على أية حال.
فذلك «العدل» يجب أن يحافظ على حق من له الحق ومن عليه الحق دون إبقاء لأي احتمال قد يبطل حقا أو يرخيه.
ذلك فليكن الكاتب بالعدل فقيها في الكتابة العادلة (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ) كتابة عن علم عادل وعدل عالم (كَما عَلَّمَهُ اللهُ) الكتابة وعدلها ، لا كما تهواه نفسه.