وهل تجب الكتابة على الكاتب بالعدل كما تجب على المتداينين؟ ظاهر الأمر هو الوجوب مهما كان كفائيا في الكاتب وعينيّا عليهما ، إلّا أن له الأجرة إن طلبها ، حيث الوجوب الكفائي ليس لزامه عدم الأجرة كما في سائر المكاسب والتجارات والأعمال لمختلف العمال.
ثم (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ) وهو المدين ، والإملال هو الإلقاء على الكاتب ليكتب كما يقول ، (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) من أصل الدين وأجله وكيفية ردّه إلى صاحبه.
فالأصل المفروض في هذه الكتابة الثانية هو إملال المدين ، إملالا للدين على الكاتب إقرارا لما كتب وإملال التوقيع تصديقا لما كتب وكتبه الكاتب بما أملل ، ولماذا الإملال فقط على الذي عليه الحق؟ لأن عليه كتابة الوثيقة دون الذي له الحق ، فهو الذي يملل على كاتب العدل اعترافه بالدين ومقداره وشرطه وأجله ، خيفة الغبن عليه إن أملل الدائن ، فقد يزيد في الدين أو يقرب الأجل ، أو يذكر شروطا لصالحه شخصه ، والمدين ـ وهو في موقف الحاجة والضعف ـ قد لا يملك معه إعلان المعارضة رغبة في الحصول على الدين ، إذا (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ) ولكن (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً ...).
(فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ).
هنا (وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) بديل عن كتابته هو وعن إملاله كتابة الكاتب بالعدل ، ولأنه لا ولاية إلّا على القاصر فليكن هذه الثلاثة قصورا يتطلب الولي بالعدل ، إذا فكيف يستدين القاصر دون ولى ثم على وليه أن يملل بديلا عنه؟.
«وليّه» اللامح في ثابت الولاية ، دليل أنه استدان بإذن وليه وعلى