السنة ، ولقد اختلقت الطلقات الثلاث منذ عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مواجهة بتهديده الحديد ، لحد كان من يطلق امرأته البتّة يحلف له (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أردت الا واحدة (١) و «انما كانت الثلاث تجعل واحدة».
وهنا (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) تحدد صالح الإمساك بعد التطليقتين انه «بمعروف» فطري وعقلي وشرعي ، التزاما على أضوائها بواجبات الزوجية ، وإلّا فهي منسرحة لا يجوز له الرجوع إليها في العدة الرجعية ، انقلابا للفرقة الصغرى إلى فرقة وسطى تأخذ الزوجة فيها حريتها دونما رجعة اليه ، إذ كانت مشروطة ب (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) وهو المعروف الواجب تحقيقه في حقل الزوجية على طول خطها ، ولا مورد ل (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) في الطلقات الثلاث متتابعة او مرة واحدة.
ثم (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) تحرير لها لتبنيّ حياة جديدة صالحة بعد انقضاء العدة ، فكما يحرم إمساك بغير معروف ، كذلك تسريح بغير إحسان ، وكما ان الإمساك الرجوع باطل بغير إحسان ، كذلك الإمساك بعقد جديد باطل.
فالطلقة الأولى محك وتجربة ، والأخرى تجربة أخرى هي أحرى أن ترجعه إلى عقليته الصالحة ، فإنها الأخيرة إذ ليس بعدها إلا «إمساك (بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) فإن صلحت الحياة بعد الثانية فذاك ، وإلّا فالطلقة الثالثة دليل على فساد عريق في حياة الزوجية لا تصلح معه حياة ، إلّا بمحلّل يثير غيرة المطلّق.
__________________
(١) المصدر اخرج الشافعي وابو داود والحاكم والبيهقي عن ركانة بن عبد يزيد انه طلق امرأته سهيمة البتة فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك وقال : والله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في زمان عثمان ، وفي نقل آخر عنه قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : هو ما أردت فردها عليه.