وهنا (إِلَّا أَنْ يَخافا ...) كما (وَإِنْ خِفْتُمْ) موجه إلى حكام الشرع ، حيث يتحدث أولا لهم عن الأزواج ، ثم يخاطبهم في جو الخوف : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ).
ولماذا (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما)! وانما الجناح كان على الزوج الآخذ منها! علّه لأن إعطاء ما في اخذه جناح جناح ، معاونة ام مسايرة على الإثم والعدوان ، فلا جناح عليها افتداء لسراحها عن عبء هذه الزوجية ، ولا جناح عليه تسريحا لها.
وتراه يسمح له أخذ الزائد عما آتاها قضية الإطلاق : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)؟ ام لا اطلاق فيها لأنها تنصبّ على (مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ) فله أخذ ما أتاها كلا او بعضا حسب التراضي ، وأما الزائد فخارج عما دار بينهما ، ولماذا ـ بعد ـ أخذ الزائد عما آتاها إلّا أكلا بالباطل ، فانما يحل له افتداء لها ما آتى ، ثم الزائد بائد مائد في كل حقل من حقول المعاملات ، وقد منع الرسول الكارهة المختلعة عن دفع الزائد عما أخذت قائلا لها : «اما الزيادة فلا ولكن حديقته ...» (١).
__________________
ـ سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فضربها فكسر يدها فأتت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد الصبح فاشتكته إليه فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثابتا فقال خذ بعض مالها وفارقها قال : ويصلح ذلك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : نعم قال : فاني أصدقتها حديقتين فهما بيدها فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خذهما وفارقها ... وفي موثقة سماعة ... وليس له ان يأخذ من المبارئة كل الذي أعطاه.(الكافي ٦ : ١٤٠) وفي صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : المبارأة يؤخذ منها دون المهر ... (الكافي ٦ : ١٤٢).
(١) المصدر اخرج البيهقي عن عطاء قال أتت امرأة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت إني ابغض زوجي وأحب فراقه فقال : أتردّين عليه حديقته التي اصدقتك وكان أصدقها حديقة قالت نعم وزيادة قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أما زيادة فلا ولكن الحديقة قالت : نعم ـ