(إِذا طَلَّقْتُمُ) هنا تعني ما يصح بعده الرجوع ، ام وعقد جديد ، وذلك غير الطلقة الثالثة التي لا رجوع في عدتها ولا عقد جديدا بعد انقضاءها ، فإنما هو «المرتان».
وبلوغ الأجل هنا قد يعني قبيل انقضاء العدة بدليل «فأمسكوهن» فبالغ الأجل إلى آخره ليس فيه إمساك ، وانما هو عقد جديد والمرأة عنده مسرّحة لا تحتاج إلى تسريح كما لا يجوز إمساكها دون عقد ، وقد يعني «امسكوهن» كلا الرجوع في العدة وجديد العقد بعدها ، حيث الإمساك يعمهما دون الرد الخاص بالأول والعقد الخاص بالثاني ، إذا فبلوغ الأجل يعم انتهاء العدة فإمساك بعقد جديد ، ام قبيل انتهاءها فإمساك بالرجوع.
فالإمساك بمعروف ـ على أية حال ـ هو ردهن إلى حياة الزوجية بما يعرف من حقوقهن فطريا وعقليا وشرعيا ، مما يلمح ألّا طلاق إلّا ان يترك ذلك المعروف ، ومن أهم المعروف رعاية حدود الله في حقل الزوجية ، فان أمكن إمساكهن بكل ما يعرف من معروف ، دون ان يسبب منكرا منهما او من أحدهما فإمساك بمعروف ، وقد عبر عنه من ذي قبل بارادة الإصلاح.
وقد تلمح «بمعروف» لواجب الإشهاد ، ان يكون الإمساك معروفا عند من يعتدّ بمعرفته ، وكما قال الله : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ).
ولأن الإمساك يعني الرجوع الى حياة الزوجية ، فلا يعني إلا إمساكا للزوجية ، فان وطئها لا كزوجة لم يكن إمساكا بمعروف ، فانما هو الإمساك كزوج.
فالوطئ دون نية الإمساك محرم وليس رجوعا ، حين ان النظر إليها بنية الإمساك رجوع ، فالمهم صدق الإمساك كما هنا وصدق الرد كما هناك.