(فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) تراجعا بعقد جديد يشترط فيه رضاهما ، ولذلك هنا «يتراجعا» وهناك في الرجعة بلا عقد (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) ، وإنما صحت صيغة التراجع لأنه رجوع الى الزوجية السالفة. أتراجعا دونما شرط؟ هناك شرط (الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ...) حيث تعم كافة المطلقات ، وهنا شرط (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) وإلّا فالتراجع جناح ، وظاهره بطلان العقد ، فان الزواج من السنة ما لم يعارض الفريضة ، وحدود الله من الفرائض ، فكيف يصح تراجع بتلك السابقة السوداء التي سببت الفراق ، ولاحقته مثلها سواء؟ فليست المسألة هوى تطاع وشهوة تستجاب ، وليسا هما متروكين لشهواتهما ونزواتهما في تجمع وافتراق ، انما المهم اقامة حدود الله زواجا وفراقا في كل منهما ، وهي إطار الحياة الذي ان أفلتت منه او أفلت لم تعد الحياة التي يريدانها ، ولماذا «إن ظنا» والواجب هو التصميم القاطع على إقامة حدود الله؟ لأن الإنسان أيا كان لا يعلم الغيب ، فلا يحصل بتصميمه إقامة حدود الله إلا الظن بها ، فلا منافاة بينه وبين العزم القاطع ، فحين لا يظنان ان يقيما حدود الله ، إما لعدم العزم على إقامتها ، أم لعدم الاطمئنان بالقدرة عليها فلا تراجع.
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) التي حددها لكم (يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الحدود بالبيان وهم كافة المكلفين ، اللهم إلا من تنازل عن علمه ببيان ، إلى دركة الحيوان ، وهو التجاهل عما بان ، ثم وقوم يعلمون أنه بيان الله وكفاهم تصديقا علمهم بانه من الله ، وأما الناكرون قاصرين ومقصرين فليس ذلك لهم بينا!.
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ٢٣١.