لأنهن ملكن انفسهن ببلوغ آجالهن ، ولا يحق لأحد عضلهن عن زواج مرضي لهن ولأزواجهن (إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) ومن الآخرين أوليائهن (١) الذين كانت بأيديهم عقدة النكاح ـ كما في آيتها ـ كالآباء والأجداد ، فقد انقطعت ولايتهم في زواجهن بعد الأول ، كما انقطع الحق عن أزواجهن ، فهن مسرّحات عن أية ولاية عليهن دون إبقاء ، فالولاية الثابتة هنا منفية ، وغير الثابتة كما تزعم لغير الآباء منهية.
فمهما اختصت (وَإِذا طَلَّقْتُمُ) بالأزواج الأول ، فلا تختص (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) بهم لمكان الإطلاق هنا دونما هناك ، ولمحة صارحة من «أزواجهن» الصادق على المطلّقين أولا ، ثم على الأزواج الجدد بضمنهم ، بل ولا تختص (إِذا طَلَّقْتُمُ) ايضا بأزواجهن ، لشمولها كل مطلّق من حكام الشرع فيما يحق ان يطلقوا دون رضى الأزواج ، ام برضاهم ، وكذلك الزوجات واهلوهن فيما يحق لهم الطلاق ، ثم (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) طليقة حليقة على المطلقين وسواهم ممن يرى لنفسه العضل أيا كان ، ولو عنت ـ فقط ـ الأزواج لكان صحيح التعبير وفصيحه «وإذا طلقتم أزواجكم».
إذا (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) نهي عن كل عضل من كل عاضل عن أن ينكحن أزواجهن ، سواء أكان العاضل هو المطلق ام سواه.
إذا فلا عضل ـ إطلاقا ـ عليهن عن زواج صالح بتراض بينهما
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٢٨٧ ـ اخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : «نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة او طلقتين فتقضي عدتها ثم يبدو له تزويجها وان يراجعها وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياءها من ذلك فنهى الله ان يمنعوها» وفيه اخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك في الآية قال : إذا رضيت الصداق قال : طلق رجل امرأته فندم وندمت فأراد أن يراجعها فأبى وليها فنزلت هذه الآية ، وفيه اخرج ابن المنذر عن أبي جعفر قال : إن الولي في القرآن يقول الله : (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ).