بعضا فلا يزال ينقيه ثم يكن عليه ثم يخرجه ثم يفعل ذلك ثلاث مرات حتى يبقى ما لا يضره شيء» (١).
والتمحيص هو التخليص من الشوائب الخارجة والدواخل المارجة ، كما المحق هو إنفاذ الشيء تدريجيا وإزالته عن بكرته حتى لا يرى منه شيء : (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ).
فالتمحيص هو درجة بعد الشهادة والعلم للمؤمنين ، عملية تتم في دواخل النفوس وأعماق القلوب ، كشفا لمكنونات الشخصيات ، وتسليطا لأضواء على هذه المكنونات تمهيدا لاستئصال كل دخل ودغل ودجل ، وإيصالا للقلب إلى كامل الصفاء ، دون اي غبش ولا ضباب.
وما لم تحصل تلك العلامة والشهادة والتمحيص تماما ، لم يحصل محق الكافرين تماما ، فكثيرا مّا خيل الى المؤمن انه ما حص خالص ، ثم إذا هو يكشف ـ على ضوء التجربة العملية ومواجهة الأحداث ـ أن في نفسه عقابيل لم تمحّص بعد ، وعراقيل لم تزل فيها ، ومن المصلحة والحكمة أن يعلم هذا النقص في النفس ليعاود المحاولة في سبكها من جديد ، محقا لكل العراقيل ، ولكي يقدر على محق الكافرين.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٩٥ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) امام امتي وخليفتي عليها من بعدي ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الله به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا ان الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر فقام اليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وللقائم من ولدك غيبة ، قال : اي وربي (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) يا جابر ان هذا الأمر من الله ، وسر من سر الله ، مطوي عن عباد الله ، فإياك والشك فيه فان الشك في امر الله عز وجل كفر.