وهكذا نؤمر زمن غيبة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه ان نقطع أطراف الكافرين حتى نكبتهم ونمحقهم في آخر الأمر ، ولا تحصل هذه البغية الحاسمة إلا بمواصلة الجهاد في سبيل الله دونما فشل ولا فتور حتى يكمل أمر المحق زمن صاحب الأمر ، فما نحن إلّا معدّين طريقه عجل الله تعالى فرجه.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) ١٤٢.
إن ذلك لحسبان قاحل (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) دونما علامة يعلمها الله عليكم من المجاهدة والمصابرة : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٢٩ : ٢) (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٩ : ١٦)؟! استنكارات تلو بعض تخطئ ذلك التصور العارم انه تكفي المؤمن قولة الإيمان ، أم وحالته وعمليته كيفما كانت دونما ابتلاء فيها ، كلّا ، فانما هي التجربة الواقعية ، و «يعلم» هنا ـ كما في اضرابها ـ من العلم : العلامة ، لا من العلم المعرفة بعد جهل ، ف «ان الله هو أعلم بما هو مكونه قبل ان يكون وهم ذر ، وعلم من يجاهد ممن لا يجاهد كما علم انه يميت خلقه قبل ان يميتهم ولم يرهم موتهم وهم أحياء» (١).
(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) ١٤٣.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٩٥ في تفسير العياشي عن داود الرقي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله : (أَمْ حَسِبْتُمْ ..) قال : ان الله ..
أقول : وهذا تفسير ل «يعلم» بغير ما يهرف به الخارفون انه من العلم ، ثم يؤوله المأولون.