«كنتم» قبل انهزامكم في أحد وبعد انهزام المشركين في بدر (كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) في سبيل الله (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) تمنيا قبل الواقعية والتجربة منها (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) في أحد في قتلاكم (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إليهم يتساقطون ، و «تنظرون» موتكم معهم فلما ذا ـ إذا ـ الوهن والحزن على هؤلاء الشهداء الأكارم؟.
(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ..)! (١) موازنة بين وزن الكلمة : «يا ليتنا كنا معهم» التي يقولها اللسان ووزن الحقيقة في رؤية الواقع العيان ، فيعرفوا رصيد الكلام بميزان الامتحان ، فيعلموا ان ليست الكلمات الطائرة والأمنيات المرفرفة المائرة وحتى العقائد العابرة ، ليست هذه هي التي تدخلهم الجنة ، فإنما هو تحقيق القالة والحالة بالواقع الجبار.
وكان سبب نزول هذه الآية ان قوما من اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ممن لم يشهدوا بدرا او شهدوا ولم يستشهدوا ـ كانوا يتمنون يوما كيوم بدر يستدركون فيه ما فاتهم من شرف المسعاة ، وفضل الشهادة المبتغاة ، فلما استنهضوا للجهاد في أحد نكص بعضهم ونكث آخرون فعاتبهم الله على ذلك وأثنى على الصابرين منهم والقائمين بجهاد عدوهم.
ثم وفي الآية مسائل ثلاث :
__________________
(١) المصدر في تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليهما السلام) في الآية فان المؤمنين لما أخبرهم الله بالذي فعل بشهدائهم يوم بدر ومنازلهم من الجنة رغبوا في ذلك فقالوا : اللهم أرنا قتالا نستشهد فيه فأراهم الله إياه يوم أحد فلم يثبتوا إلا من شاء الله فذلك قوله (وَلَقَدْ كُنْتُمْ ..). وفي الدر المنثور ٢ : ٨٠ ـ اخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفى عن ابن عباس ان رجالا من اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا يقولون ليتنا نقتل كما قتل اصحاب بدر ونستشهد ، او ليت لنا يوم كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلى فيه خيرا ونلتمس الشهادة والجنة والحياة والرزق فأشهدهم الله أحدا فلم يلبثوا إلا من شاء الله منهم فقال الله : ولقد كنتم ...