يتطاول عليه لصغره في جسمه استهانة بطاقته الضئيلة في مظهره ، فكل واحد من هذه الأدلة كافية لاشتراط البلوغ مع الرشد فضلا عن كلها والله أعلم.
(وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا)
صحيح أن أصل الأكل من أموال اليتامى محظور ، ولكن الأكل منها إسرافا وبدارا ان يكبروا أشد محظورا ، واتجاه النهي اليه بعد طليق النهي دليل أن البعض كانوا يستغلون أيام يتمهم إسرافا في أكل أموالهم وبدارا وتسرّعا مخافة عن أن يكبروا فلا يستطيعوا أكلا لكبرهم ، فما النهي هنا إلّا كما (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً).
ثم «يكبروا» هنا فتحا دليل صارم على اشتراط كبر السن إضافة إلى الرشد كما تقدم ، ف «كبر يكبر» يخص كبر العمر ، خلاف سائر صيغها التي تعم العمر الى سائر الرشد أم تخص الرشد مثل يكبر بالضم ، فهو نص في اشتراط بلوغ النكاح ، و «رشدا» نص في ثاني الشرطين الشامل للشدين الآخرين ، ولكن «يكبروا» بعد (إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) يعم الشرطين ، مهما كان الأصل اللغوي يؤصّل الأول ، فهما شرطان مهما اختلفا مكانة.
وهنا مناهي ثلاثة تلو بعض تصاعديا في الحظر عن أموال اليتامى ، أولاها :
«إسرافا» زيادة عن الحق المقرر ، وقد كانوا يسرفون في أكل أموالهم حتى نزلت (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) ثم (وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) تنهى عن مبادرة الأكل إسرافا في مادته أم إسرافا في مدته أن يؤجل ابتلاءهم ليأكل في زمن أكثر مما يحتاجه عادل الابتلاء ومعدّ له ، كما ويأكل أكثر من الحق مهما قل الزمان أو أكثر.
فقد يأكل إسرافا في مادته دون بدار ، وأخرى يأكل بدارا دون إسراف في