عمر ـ فيمن اخطأ ـ حيث هدد من يزيد على اربعمائة درهم فاعترضته امرأة من قريش مستدلة بآية القنطار فقال : اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ورجع عن فتواه (١).
ولقد كان الخليفة اعدل ممن أوّل الآية (٢) بأنه لا يلزم من جعل الشيء شرطا لشيء آخر كون ذلك الشرط في نفسه جائز الوقوع ك (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) حيث لا تدل على حصول الآلهة؟ ولكن «لو» في الآية تحيل مدخولها وليست هنا إلا «إن» ثم لو كان صدقة القنطار محظورا لما جاء في كتاب
__________________
(١) هذه القصة مشهورة عن الخليفة وممن أوردها السيوطي في الدر المنثور ففيه أخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى بسند جيد عن مسروق قال ركب عمر بن الخطاب المنبر ثم قال : أيها الناس ما اكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله (ص) وأصحابه وإنما الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت له يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم؟ قال نعم فقالت : أما سمعت ما أنزل الله يقول : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) فقال : اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ثم رجع فركب المنبر فقال يا أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب.
وفيه أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قال عمر بن الخطاب لا تغالوا في مهور النساء فقالت امرأة ليس ذلك لك يا عمر إن الله يقول : (وآتيتم إحداهن قنطارا) فقال عمر إن امرأة خاصمت عمر فخاصمته.
وفيه أخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن مصعب قال قال عمر : لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال فقالت امرأة ما ذاك لك قال ولم قالت لأن الله يقول : (وآتيتم إحداهن قنطارا) ، فقال عمر امرأة أصابت ورجل أخطأ.
أقول وقد أخرج الأول بلفظه المعاملي في أماليه وابن الجوزي في سيرة عمر ١٢٩ وابن كثير في تفسيره ١ : ٤٦٧ عن أبي يعلى وقال إسناده جيد قوي ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٤ : ٢٨٤ والسيوطي في ـ
(٢) هو الفخر الرازي في تفسيره ١٠ : ١٣.