وترى (آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ) تعم كلما أوتين من صدقة أماهيه من هبة وهدية وعطية ونفقة؟ الظاهر نعم ، فلو كان المقصود خصوص الصدقات لجاءت بصيغتها الخاصة والإيتاء أعم منها.
كما و (لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ) تعني ما تعنيه ، لا سيما وأن ذلك الأخذ أيا كان ومن أيّ كان هو بهتان كأنها أتت بفاحشة مبينة إذ لم يسمح بأخذ شيء مما أوتين إلّا أن يأتين بفاحشة مبينة.
(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٢١).
الإفضاء من الفضاء : المكان الواسع ، وهو من كل من الزوجين إلى الآخر كناية عن الخلوة والمباشرة الجنسية حيث دخل كل في فضاء الآخر جنسيا وما سواه من إفضاء العواطف والمشاعر والتصورات الصالحة عن وحدوية الحياة الزوجية ، فلا يقف ذلك الإفضاء المتروك دون مفعول خاص عند حدود الجسد بإفضاءاته ، بل يسع كل معانيه في إنسانية الإفضاء ، فيسكب كل إيحاءاتها ، فقد يدع طليق الإفضاء يرسم كل التصورات الصالحة لتلك الحياة المشتركة الموحدة ، ففي كل نظرة ونبرة إفضاء ، وفي كل مخالطة روحية أو جسدية إفضاء ، إفضاءات بعضها فوق بعض قضيتها الوحدة العريقة المتماسكة بين الزوجين ، مما يؤكد الميثاق الغليظ على الحياة السليمة الزوجية.
وبذلك يخرج هذا الطلاق عن غير المدخول بها مهما خرج من قبل عن الأخذ.
فهذه المخالطة المحللة مع ما أخذن منكم ميثاقا غليظا على الإيفاء بشؤون الزوجية حسب المقرر في الشرعة الإلهية ، إنها سياج صارم عن أية تخلفة في ذلك