والروايات الواردة بجواز توبة القاتل عمدا قد تحمل على غير العامد لإيمانه (١) ولكن القاتل لإيمانه ليس أنحس من المشرك والمرتد وقد تقبل توبتهما ، مهما لم تقبل للمرتد عن فطرة في الدنيا.
وقد نستلهم من «جزاءه» إمكانية العفو عنه إن تاب فإن لكل عصيان جزاء أيا كان ولا ينافيه العفو بتوبة أماهيه من مكفرات ، ثم (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) قد تشمله ، وكذلك (الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً. يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً. إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً ..) (٢٥ : ٦٩).
فقتل المؤمن بين خطإ وعمد ولكلّ مصاديق عدة ، الأخف منها الخطأ الذي لا قصد فيه ولا إرادة كالقتل حالة النوم والغشية ، والأثقل منها الأرذل قتل المؤمن لإيمانه ، وبينهما متوسطات كلها تخلّفات عن شرعة الله مهما كانت دركات أخفها أن يقتل مؤمنا ظنا أنه كافر دونما تحرّ لائق.
__________________
(١) المصدر عن أبي هريرة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في قوله : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) قال : هو جزاءه إن جازاه ، وفيه أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال قتل بالمدينة قتيل على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يعلم من قتله فصعد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المنبر فقال : «أيها الناس قتل قتيل وأنا فيكم ولا نعلم من قتله ولو اجتمع أهل السماء والأرض على قتل امرئ مسلم لعذبهم الله إلا أن يفعل ما يشاء» أقول : «ما يشاء» هنا سناد الى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وفي نور الثقلين ١ : ٥٣٤ عن معاني الأخبار عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية قال : إن جازاه. ثم أقول : قد تعني روايات عدم قبول توبة القاتل العامد على عدم توفيقه للتوبة ، كما في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما وقال : لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة.