يقولون واجعلني أفضل مما يظنون وأغفر لي ما لا يعلمون» (١).
فيا لتزكية النفس من إثم مبين ، يجمّد صاحبها عن كل حراك حيوي صالح ، ويورده في كل طالح ، حين يرى نفسه مبراة من كل القذارات والعقوبات والمسؤوليات.
وما شأن هؤلاء اليهود المزكين أنفسهم إلا شأن من يحسبون أنفسهم مسلمين فلا بد وأن الله ناصرهم ومخرج لهم اليهود من أرضهم ، بينما هم منسلخون عن حبل من الله وحبل من الناس ، واليهود مستمسكون بحبل من الناس ، فهم متغلبون ـ على قلتهم عليهم على كثرتهم.
فلئن يعجب من عجب هؤلاء اليهود في تزكيتهم أنفسهم فأمر الأكثرية الساحقة من المسلمين أعجب ، حيث يكتفون بالجنسية الإسلامية وهم عن واقعها براء وفي عراء.
ذلك! وقد تذهب تزكية النفس الجهلاء بالمزكي الى أضل بلاء أن يرى المشرك أفضل من المسلّم نفيا له عن صالح الإيمان أنفى من طالح الكفر المطلق!.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) ٥١.
أولئك «الذين لهم نصيب من الكتاب» دون كل الكتاب ، ينفون الإيمان عمن أوتوا كل الكتاب ، وليس فقط سلب الإيمان وإثبات الضلال عليهم بل (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) مشركين (هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) وهم أولاء المتقولون قولتهم الكافرة (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)!.
__________________
(١). نهج البلاغة من كلام للإمام علي أمير المؤمنين (ع) يصف فيه المتقين «لا يرضون ..».