أنفسهم افتراء على الله أنه زكاهم وهم يعلمون كذبه (وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً) يبين كذبهم في ادعاءاتهم ودعاياتهم.
فالإثم هو المبطئ عن الخير ، فحين يزكي الإنسان نفسه في الأولى والأخرى ، فذلك يبطئه عن كل خير ، إذ يرى نفسه في غنى عن تكلف الخيرات ، إذ ليس التجنب عن الطالحات والسعي في الصالحات إلّا للحصول على الزكاة في الحياة ، فحين يزكي الإنسان نفسه فيراها مزكاة من كل الجهات فلا يرى لنفسه حاجة الى تكلف الصالحات ، كقسم من أهل الباطن ـ على حد قولهم ـ المدّعين الوصول الى اليقين ، تاركين لما يوصل الى اليقين سنادا الى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)!.
فعلى المؤمن بالله أن يرى نفسه دائما في قصور وتقصير ، ولكي يحاول دائبا في الحصول على زكاة جديدة وكما الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ) حيث يعني استزادة الإيمان بالله ، ويخاطب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) ـ (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (١٥ : ٩٩) فإذا لا حد نهائيا لليقين فلا حد لعبادة الرب الموصلة الى اليقين ، ولذلك نراه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يدأب في عبادة ربه مستزيدا لاستزادة اليقين وهو الآن في البرزخ ومن ثم يوم القيامة دون نهاية دائب في عبادة ربه تخضعا لديه وحصولا على معرفة زائدة ليستزيد بها العبادة كما يستزيد المعرفة بالعبادة ، فرقدان يتجاوبان على طول الحياة الأبدية المحمدية في المعرفة والعبودية.
أجل والمتقون «لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون إذا زكي أحد منهم خاف مما يقال له فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي من نفسي اللهم لا تؤاخذني بما