ف «الجبت» هو الوثن غير ذي عقل ولا شعور و «الطاغوت» هو العاقل المعبود من دون الله ، طاغيا على الله وعلى خلق الله ، فإيمان هؤلاء الكتابيين بالجبت هو تقريبهم أنفسهم الى الأوثان تبعيدا لأصول الموحدين المؤمنين ، وإيمانهم بالطاغوت طاعتهم العمياء لأحبارهم ورهبانهم من دون الله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٩ : ٣١).
هؤلاء الأوغاد الأنكاد يفضلون المشركين على المؤمنين كما يفضلون طاعة أحبارهم ورهبانهم على طاعة الله!.
فقد نرى حي بن أخطبهم وكعب بن أشرفهم يحالفان المشركين على قتال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (١) ونرى كعبهم يسجد لصنمين من أصنام المشركين مجاراة لهم ليصدقوه في عزم الحرب معهم على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٧١ ـ أخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : قدم حي بن أخطب وكعب بن أشرف مكة على قريش فخالفوهم على قتال رسول الله (ص) فقالوا لهم : أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب فأخبرونا عنا وعن محمد قالوا : وما أنتم وما محمد؟ قالوا ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء ونفك العتاة ونسقي الحجيج ونصل الأرحام ، قالوا فما محمد؟ قالوا : صنبور قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج وبنو غفار ، قالوا : لا بل أنتم خير منهم وأهدى سبيلا فأنزل الله هذه الآية.
(٢) المصدر أخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش فاستجاشهم على النبي (ص) وأمرهم أن يغزوه وقال : أنا معكم نقاتله فقالوا إنكم أهل كتاب وهو صاحب كتاب ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل ثم قالوا : نحن أهدى أم محمد .. قال : بل أنتم خير وأهدى فنزلت هذه الآية.