عن كيد الشيطان في صلاة الرحمن ، فيا له من حنان لكتلة الإيمان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
ومن هنا نعرف مدى وجوب الحفاظ على النفس من العدو أيا كان وإن استلزم القصر من عمود الدين ، فضلا عن سائر الواجبات ، اللهم إلّا التي هي أهم من النفس كالحفاظ على أصل الدين وكيان المسلمين.
ذلك ولأن الصلاة سلاح من أسلحة المعركة ، صلة بالله وسيلة لإرعاب أعداء الله وتثبيتة أن المؤمنين يحاربون لأجل إقام الصلاة وسائر الصّلات بالله ، وليعرف العدو أنهم لا يهابونهم في أرض المعركة فلا يتركون صلاتهم تخوفا منهم مهما قصروا منها حفاظا عن كيدهم.
وذلك التوازن في تنظيم سلاحي الصلاة والسلاح مع أخذ الحذر ، استثارة لحاسة الحذر ، وسكب لفيض الثقة ، وهو طابع المنهج المبلج القرآني لتربية النفوس المؤمنة وترقية الصف الإسلامي السامي في مواجهة العدو الماكر الحاكر.
فكما لا بد للمناضل من تنظيم أسلحته النارية والتكتيكات الحربية ، كذلك عليه تنظيم سلاح الصلاة وصلاحها حالة الحرب كيلا تفوت ولا تفوّت ، فليقصر منها كما يناسب طبيعة المعركة وجوّها.
(فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) ١٠٣.
(فَإِذا قَضَيْتُمُ) وأديتم هذه «الصلاة» المقصور منها حالة الخوف (فَاذْكُرُوا اللهَ) في كل حالاتكم وحركاتكم وسكناتكم في ثكناتكم الحربية وسواها (قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) جبرا من قصر الصلاة وكسرها إذ كنتم تعذرون.